
نعيش في منطقة ديناميكية وعاصفة، تتغير فيها الأوضاع بسرعة وأحياناً دون سابق إنذار. رغم النجاحات السابقة ضد إيران وحزب الله، لا يمكننا الركون إلى هذه الإنجازات. إذا لم نستعد بشكل جيد للتهديدات المتجددة والمتسارعة، فإننا لن نكون مستعدين للحرب القادمة.
كما لم نكن مستعدين لحرب "سيوف من حديد"، فإن المواجهة القادمة قد تكون أكثر إيلاماً بعشرات المرات. هذا ليس رأياً شخصياً، بل حقائق يرويها ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي، من رتبة لواء إلى قادة كتائب وسرايا، ممن يتحدثون معي بشكل خاص ويطلبون عدم الكشف عن هويتهم. من الواضح أن إسرائيل خسرت المعركة أمام حماس.
تهديدات قائمة ومتطورة:
حزب الله: رغم أنه أضعف من السابق، لكنه لم يُهزم. لا يزال يمتلك مئات الكيلومترات من الأنفاق ومخزوناً كافياً من الذخيرة لتعطيل شمال إسرائيل. في نهاية القتال ضد إيران، أطلق حزب الله أكثر من 100 صاروخ يومياً لمدة عشرة أيام، من الحدود الشمالية حتى تل أبيب، ما أدى إلى شلل كامل في الشمال. الجيش الإسرائيلي يدرك هذا التهديد، ولهذا تم تجنيد فرقة كاملة على الحدود الشمالية تحسباً لانضمام حزب الله إلى القتال.
سوريا ومحور الشر الإيراني: التوقعات بسقوط نظام الأسد ومحور إيران ثبت فشلها. سوريا اليوم تحت سيطرة ميليشيات جهادية وقوات تركية تشكل تهديداً أكبر بكثير من نظام الأسد.
الحدود مع الأردن: تنتشر على طول 300 كم من الحدود مع الأردن خلايا إرهابية مدعومة من إيران.
مصر: تستعد مصر لحرب محتملة مع إسرائيل، بينما تفتقر إسرائيل إلى قوات كافية لمواجهتها.
يهودا والسامرة (الضفة الغربية): المنطقة أشبه ببرميل بارود، والجيش الإسرائيلي لا يمتلك قوات برية كافية لتأمين الحدود المختلفة.
وضع الجيش البري والاستعداد للمستقبل:
الجيش البري الإسرائيلي منهك وصغير، ويواجه حالة تفكك متقدمة. لم يتمكن حتى من الانتصار على حماس. في الوقت نفسه، تطور إيران قدراتها الصاروخية والنووية بمساعدة صينية وباكستانية، بينما لا يمتلك الجيش الإسرائيلي أي خطة للتعامل مع هذه التهديدات.
إيران والصين:
إيران طلبت آلاف الأطنان من المواد من الصين لتصنيع صواريخ باليستية.
الصين قدمت تكنولوجيا ومكونات لتطوير الصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية.
التعاون العسكري بين إيران والصين يعود إلى الثمانينات، حيث ساعدت الصين إيران في تطوير برنامجها النووي.
إيران وباكستان:
شبكة عبد القدير خان نقلت تكنولوجيا نووية إلى إيران في الثمانينات والتسعينات.
إيران استفادت من المعرفة النووية الباكستانية رغم غياب الدعم الرسمي لتفادي العقوبات الدولية.
بعد الحرب بين إسرائيل وإيران التي استمرت 12 يوماً، وعدت باكستان بتزويد إيران بمئات الصواريخ لتعويض ما فقدته.
في الوقت الذي تنشغل فيه إسرائيل بمستنقع غزة، يتم إهمال الاستعداد للمواجهة القادمة التي ستكون أشد خطورة.
ليست المسألة مسألة إيمان، بل واقع مرّ. مشكلتنا أن الكثيرين يتصرفون بعاطفة ويعيشون في عالم وهمي، بينما تفتقر القيادة إلى رؤية استراتيجية طويلة المدى.