
عشية سفر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة، وعلى خلفية الحديث المتجدد حول صفقة جزئية "سيئة" للإفراج عن الأسرى، تعود إلى الواجهة طريقة إدارة الحرب وتأثير قضية الأسرى عليها.
عند استئناف القتال في مارس الماضي، بعد الصفقة السابقة وتغيير رئيس هيئة الأركان، أعلن كل من وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت ورئيس الأركان الجديد هرتسي هاليفي عن نيتهم العودة إلى القتال المكثف لحسم المعركة مع حركة حماس عسكريًا وسياسيًا. بينما تحدث وزير الأمن عن نصف عام من القتال، طالب رئيس الأركان الجديد بتقصير المدة وإنهاء الحملة خلال ثلاثة أشهر كحد أقصى.
ردًا على هذا المطلب، عرضت قيادة المنطقة الجنوبية خطة تقوم على ثلاث ركائز: أولاً، إخلاء السكان من شمال قطاع غزة، مما يُلغي الحاجة لإدخال مساعدات إنسانية ويمكّن من قتال مكثف دون قيود ضد مسلحي حماس فقط؛ ثانيًا، السيطرة الكاملة على دخول المساعدات ومنع وصولها إلى حماس؛ وثالثًا، فصل السكان عن حماس، ونقلهم بعد فحص أمني إلى مناطق خاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي في رفح، ومنها تبدأ عملية الهجرة الطوعية وفقًا لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
حتى عند الموافقة على هذه الخطط، ظهرت ادعاءات بأن المناورة في شمال القطاع قد تُعرّض الأسرى القلائل المتبقين هناك للخطر. وتم الرد على ذلك بخطة تُمكّن المسلحين والسكان من التحرك جنوبًا دون رقابة، ونقل الأسرى معهم، كما حدث مرارًا خلال الحرب، لا سيما في شمال القطاع. وتشير إفادات الأسرى الذين أُفرج عنهم في الصفقة الأخيرة أنهم نُقلوا من مكان إلى آخر ولم يتعرضوا لأي أذى حتى عند مرور قوات الجيش الإسرائيلي قربهم. وهذه الفرضية تزداد تأكيدًا مع انخفاض عدد الأسرى.
حادثة مقتل ستة من الأسرى في رفح، التي يشير إليها اللواء نيتسان ألون وآخرون، تُعتبر استثناءً يُثبت القاعدة. الحادثة وقعت بعد أشهر طويلة من النشاط العسكري في رفح، حيث قرر يحيى السنوار، الذي تقلصت المساحات تحت الأرض التي يتحصن فيها، الصعود إلى السطح، ولتسهيل تحركاته أمر بقتل الأسرى الستة الذين كانوا قربه. مثل هذا القرار لا يمكن أن يتخذه سوى السنوار وليس أي قائد ميداني أو مسلح عادي.
شهادات الأسرى الذين عادوا في الصفقة الأخيرة كشفت عن معلومات كثيرة كانت مختلفة عما عرضته قيادة ملف الأسرى والقيود التي فُرضت على القوات الميدانية بسبب ذلك.
الادعاء الذي يكرره الجيش، حتى في الحديث الحالي عن مواصلة القتال، بأن أي تقدم إضافي سيعرض الأسرى للخطر، يُعتبر ادعاء غير منطقي. وبنفس المنطق، يمكن القول إن أي تقدم إضافي يُعرض الجنود للخطر، وقد سقط منذ بداية عملية "عربات جدعون" نحو ثلاثين جنديًا.
إذا تم التوصل إلى صفقة جزئية وفق الشكل الحالي، فإننا سنتراجع مجددًا عن مناطق أُعيد احتلالها مؤخرًا، وسندفع الثمن بالدم عند العودة للقتال من أجل استعادتها، دون الحديث عن الأسرى الذين لن يتم إطلاق سراحهم في هذه الصفقة، والقلق بشأن مصيرهم.
يجب القول إن إدارة ملف التفاوض للإفراج عن الأسرى، سواء من قبل مديرية الأسرى أو فريق التفاوض أو من قبل مقر الأسرى وحملتهم العامة، لم تُثمر شيئًا سوى رفع ثمن الصفقة وإطالة أمد معاناة الأسرى في الأسر.
كان يمكن إنهاء هذه الحرب منذ زمن، مع الإفراج عن الأسرى ودون وجود حماس، لو تم تنفيذ الخطة كما ذُكرت أعلاه.
لم يفت الأوان بعد للعودة إلى القتال كما هو مطلوب لحسم المعركة ضد حماس. لم يفت الأوان لطرح مطلب واحد فقط على الطاولة: الإفراج عن جميع الأسرى مقابل الموافقة على نفي قادة حماس. لم يفت الأوان للخروج ببيان قيادي وأخلاقي: الأسرى أعزاء علينا، ولكن مصلحة شعب إسرائيل أهم.
الأمر بأيدينا، رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، أنت من سيُحدد كيف ستُذكر في تاريخ إسرائيل. وزير الأمن الإسرائيلي يؤاف غالانت، عليك أن توجه الجيش بوضوح كما فعلت في مناسبات سابقة. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أعط الأمر - نحن في لحظات حاسمة.