ארדואן
ארדואןצילום: ISTOCK

هل يمكن أن تجد إسرائيل نفسها قريباً في مواجهة عسكرية مباشرة مع تركيا؟ هذا السؤال يطرح نفسه في ظل استمرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إطلاق التهديدات ضد إسرائيل، وإعلانه عن تعزيز منظومة الصواريخ في بلاده وتصنيفه لإسرائيل كعدو.

حول هذه المسألة والقدرات العسكرية التركية، تحدثنا مع الدكتور حي إيتان كوهين-ينروجيك، خبير في الشؤون التركية، محرر مجلة "تركيسكوب"، وزميل باحث في المركز الإسرائيلي للاستراتيجية العليا ICGS، وباحث في مركز ديان في جامعة تل أبيب.

"علينا أن نأخذ كل ما يقوله على محمل الجد"، يقول الدكتور كوهين-ينروجيك، مشيراً إلى أن "تركيا صنفت إسرائيل كتهديد، لكنها لم تعلن العداء بشكل رسمي". ويضيف أن هذا التصنيف يمثل مشكلة كبيرة، "لكن ما دامت الأمور لم تصل إلى حالة حرب بين الدولتين، فعلينا أن نبقى يقظين فقط. إعلان الحرب على تركيا سيكون خطأً استراتيجياً".

ويؤكد أن "تركيا دولة معقدة وأقرب إلينا من إيران. هي موجودة حالياً في سوريا، وهناك تقارب جغرافي بيننا وبينها في شرق البحر المتوسط". وعلى الرغم من إدراكه للتهديد المحتمل، يشدد على ضرورة إبقائه في نطاق الاحتمال، مع اتخاذ خطوات لإبعاد تركيا عن حدود إسرائيل. "علينا تعزيز الأسطول البحري الإسرائيلي، لأننا نرى تفوقاً تركياً في البحر".

ويضيف: "بعد السابع من أكتوبر، على إسرائيل أن تبقى متيقظة ولا تتصرف بسذاجة. الحكومة الإسرائيلية تسلمت تقرير نجل، الذي يرى في تركيا تهديداً محتملاً حقيقياً، ويجب تبني توصياته والاستعداد، ولكن مع بذل كل الجهود لتجنب تحويل تركيا إلى عدو فعلي".

وعن مدى تمثيل تصريحات أردوغان للشعب التركي، رغم من يعتقد أنه يفتقد السياح الإسرائيليين، يقول: "بعد السابع من أكتوبر، شهدنا موجة دعاية غير مسبوقة ضد إسرائيل في تركيا. هناك قاسم مشترك بين الإعلام المؤيد والمعارض لأردوغان، وهو كراهية إسرائيل. الشعب التركي يتعرض للتسميم من هذه الدعاية، حيث تُبث رسائل سلبية عن إسرائيل طوال اليوم، سواء عن الأحداث في غزة أو تصريحات أردوغان بأن إسرائيل تهدد وحدة الأراضي التركية، وهذه هي جوهر المشكلة. أردوغان يهيئ الأرضية للعداء، والشعب التركي يتأثر بشدة بما يسمعه في الإعلام، وهذا ما يدعو للقلق".

ويتابع: "قبل نحو عقد لم نكن نتخيل مواجهة عسكرية بين إسرائيل وتركيا، أما اليوم فلا يمكن استبعاد هذا السيناريو، خاصة في ظل التغلغل التركي في سوريا". وبشأن القدرات العسكرية التركية، يشير إلى أن تركيا عضو في حلف الناتو منذ عام 1952، وجيشها يعتمد عقيدة الناتو القتالية. "هذا ليس الجيش الإيراني أو المصري أو السوري، إنه شيء مختلف... لديهم قوة بشرية كبيرة، وموقعهم استراتيجي جداً عند المضائق بين البحر الأسود وبحر إيجة، ولديهم أطول ساحل في شرق المتوسط. كل هذا يجعلنا ندرك أننا نواجه خصماً من نوع مختلف، والحكمة تقتضي تجنب مواجهة مباشرة معه، ليس لأن إسرائيل مردوعة أو غير قادرة، بل لأن لديها ما يكفي من الأعداء الآخرين".

وعن احتمال أن يشجع إدراك أردوغان بأن إسرائيل لا ترغب في المواجهة، على الاستمرار في اتخاذ خطوات ضدها، سواء بالتصريحات أو بالأفعال، يرد الدكتور كوهين-ينروجيك بالتذكير بما حدث في أبريل الماضي: "عندما تحدثت وسائل الإعلام التركية عن نية الأتراك التمركز في مناطق داخل سوريا مثل حماة وتدمر، قام سلاح الجو الإسرائيلي بتدمير جميع القواعد العسكرية المحتملة قبل دخول الأتراك إليها. كانت الرسالة واضحة: لا تدخلوا، أنتم غير مرحب بكم، ونحن لا نرغب في حدوث احتكاك. إسرائيل لن تتسامح مع من يتحدى تفوقها الجوي في الأجواء السورية. الرسالة كانت واضحة. وعقب ذلك، التقى ممثلو البلدين في باكو عاصمة أذربيجان، وتم فتح خط اتصال مباشر بينهما. وهذا يعني أن الأتراك أيضاً لا يريدون مواجهة مع إسرائيل، وبالتالي فإن الردع متبادل".

وتُضاف إلى كل ذلك القناعة المتزايدة في البيئة الإقليمية والدولية بعد نتائج الحرب بين إسرائيل وإيران.