
كان من المتوقع، بحسب تقديرات عقلية يهودية بريئة، أن العديد من القتلى لن يُعثر لهم على مكان دفن معروف، نظرًا للهجوم الوحشي الذي وقع في 7 أكتوبر، حيث اندفعت جموع همجية قامت بالنهب والاغتصاب والقتل والخطف، ومن الصعب تصور إمكانية تحديد مواقع جميع الضحايا. لكنني كنت مخطئًا.
فحركة حماس تحتفظ بإحداثيات دقيقة لكل جثة وحتى لأشلاء الجثث، وهي تواصل اللعب بنا، نحن اليهود السذج، وتفرج عنا الجثث والأشلاء ببطء، وفقًا لوتيرتها واعتباراتها المظلمة. هي تعلم تمامًا ما الذي بحوزتها وقيمته بالنسبة لنا، وستستغل ذلك حتى النهاية لتزيد من ألمنا حتى يُعاد جميع أحبائنا للدفن.
أما قتلى حماس، فهي بالكاد تحصيهم، ولا تكرمهم. ازدراؤها لقيمة الحياة يظهر كذلك في ازدرائها لقيمة الموتى ودفنهم. في عقيدتها، حياة الإنسان، بما في ذلك أبناء شعبها، ليست قيمة بحد ذاتها، بل وسيلة، مادة خام للمساومة، وليست روحًا خُلقت على صورة الخالق.
هذه الآلة الشريرة لا تزال تتغذى من كراهية اليهود ومن رغبتها في القضاء علينا جميعًا، حتى بعد هزائمها في الميدان وانهزامها الأخلاقي. استمرارها في الشر، والكذب، والتحريض يثبت أن الشر هو واقع قائم في هذا العالم وسنضطر لمواجهته لسنوات طويلة قادمة. حماس ستعيد بناء نفسها، وسترتدي مؤقتًا قناعًا إنسانيًا وتتعاون مع الدول الساعية إلى "إعادة إعمار غزة"، دون إدراك أن غالبية غزة هي حماس، حتى النخاع.
سنواصل خداع أنفسنا بالأمل في أن تنتصر التنمية، وأن تُبنى "غزة-سنغافورة"، وأن "يعود كل شيء إلى نصابه بسلام". كنا سذّجًا، ويبدو أننا سنبقى كذلك. ربما هذا جزء من حمضنا الوراثي، الرغبة في رؤية الخير. لكن ضمن هذا الطموح يجب أن نبقى يقظين: حتى لو تم منح غزة فرصة لإعادة الإعمار، يجب على إسرائيل أن تفرض رقابة صارمة حفاظًا على أمنها القومي، دون أي تنازل.
منع أي شيء قد يُستخدم ضدنا مستقبلاً ليس مجرد شعار، بل مهمة يومية تتطلب رقابة على المواد والبنى التحتية، وعلى حركة الأفراد والأموال، وعلى التربية والتحريض. إنها مهمة معقدة تتطلب يقظة دائمة، وتحديثًا مستمرًا للأجهزة الأمنية، وفهمًا عميقًا لطبيعة التهديد وأهمية المهمة. نأمل أن من يتولون هذه المهمة على درجة كافية من الحذر، ويدركون أن آلة الشر لا تُجرب بالتفاؤل، حتى إن كان دونالد ترامب والعالم يدفعون بهذا الاتجاه ويؤمنون به، فإن علينا أن نبقى واقعيين.
كوبي إلعيراز عمل مستشارًا لشؤون الاستيطان لدى وزراء الأمن الإسرائيليين موشيه يعلون، أفيغدور ليبرمان، بنيامين نتنياهو، وكذلك لدى الوزير نفتالي بينيت في قضايا مناطق C.