
في مقالاته وخطاباته الأخيرة، شدد رئيس وزراء إسرائيل على أن المرحلة الثانية من تنفيذ "مخطط ترامب-نتنياهو" لتفكيك حماس يمكن أن تتم بطريقتين: الأولى "بطرق سلمية"، أي أن تتخلى حماس عن سلاحها طواعية، والثانية بالقوة إذا رفضت ذلك.
منذ الأيام الأولى بعد هجوم حماس، أوضح رئيس الوزراء أن إسرائيل في "حالة حرب" وليس في "جولة" صراع عابرة كما في الماضي. ولاحقًا في مراحل متقدمة من الحرب، كرر أن الهدف هو تحقيق "نصر كامل". في يناير 2024، قال: "توقعي الأساسي هو نصر كامل، لا أقل من ذلك. لا بديل للنصر".
لكن "النصر" في حرب عسكرية ليس مفهومًا غامضًا، بل له مؤشرات واضحة: استسلام غير مشروط للعدو، تغيير في النظام السياسي، تعديل دستوري، فرض قيود على عملية إعادة الإعمار، وتحول الدولة المهزومة من دولة عسكرية إلى أخرى مسالمة - كما حدث بعد الحربين العالميتين.
في الحرب الحالية مع حماس، وبعد أكثر من عامين من القتال المكثف، لم تحقق إسرائيل "نصرًا كاملًا"، وربما لم تحقق نصرًا حقيقيًا على الإطلاق. إعلان وزير الدفاع في 2 نوفمبر 2025 بأن "إسرائيل انتصرت على حماس" لا يبدو مستندًا إلى واقع ملموس.
فرغم الضربات القاسية التي تلقتها، لا تبدو حماس في موقف استسلام. لا تزال تسيطر على أجزاء كبيرة من القطاع، وتُعتبر شريكًا شرعيًا في المفاوضات، بل وتتجرأ على "مماطلة" إسرائيل في مسألة جثث الجنود.
إسرائيل، في هذا الوضع، في حالة صراع غير معلن مع الإدارة الأمريكية. ويبدو أن إدارة الرئيس ترامب تتماشى، بدرجة ما، مع موقف "الدول الوسيطة" التي تسعى لمنع إسرائيل من تحقيق نصر شامل، مما يتركها وشعبها بإحساس بالفشل في تحقيق الهدف المركزي للحرب: فرض هزيمة واضحة ومدوية على حماس.
من هذا المنطلق، يمكن فهم خطاب الرئيس ترامب أمام الكنيست في 13 أكتوبر 2025، حين قال: "إسرائيل حققت جميع أهدافها بالقوة. لقد انتصرتم". وأضاف أنه حان الوقت الآن للسير نحو السلام.
برأينا، فإن تفكيك حماس "بطرق سلمية"، في ظل هذه الظروف، قد يُعتبر إنجازًا إسرائيليًا مهمًا، لكنه لن يُعدّ نصرًا حقيقيًا. "تاج النصر" سيُوضع - بحق - على رأس الرئيس ترامب، فيما ستخرج إسرائيل من الحرب بشعور بعدم تحقيق هدفها الأساسي.
الخلاصة التي يبدو أن الحكومة الإسرائيلية تتبناها الآن هي: إذا كانت إسرائيل تريد نصرًا كاملًا، فعليها أن تواصل العمل العسكري، ويفضل أن يكون ذلك نتيجة رفض حماس الوفاء بالتزاماتها بشأن نزع السلاح.
العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة باتت الآن مرتبطة إلى حد كبير بسلوك حماس: إذا رفضت الحركة نزع سلاحها لفترة طويلة، فمن المرجح أن تحصل إسرائيل على "إذن" من واشنطن لاستئناف الحرب بهدف تحقيق "نصر كامل".
أما إذا وافقت حماس على نزع سلاحها بطريقة تُرضي الإدارة الأمريكية، فإن إسرائيل ستواجه معضلة: هل تستأنف الحرب لفرض هزيمة فعلية، ما قد يؤدي إلى صدام مع واشنطن، أم تنهي الحرب بنصف إنجاز وتتجه نحو "طريق السلام" وفقًا لرؤية الرئيس ترامب - وهي رؤية تبدو مهزوزة حتى الآن.
البروفيسور زكي شالوم، زميل بارز في معهد "ميسغاف" للأمن القومي