
منذ انتهاء الحرب في غزة بين عامي 2023 و2024، تتبلور مبادرة دولية لتشكيل قوة استقرار متعددة الجنسيات تهدف إلى إعادة النظام وإعادة إعمار البنية التحتية في القطاع. وتسعى إسرائيل إلى ضم شركاء إقليميين إلى هذه الجهود، وبرز اسم أذربيجان كمرشح مركزي للانضمام إلى القوة المزمع تشكيلها، إلى جانب دول مسلمة أخرى، وفقاً لتقارير أجنبية.
مصدر سياسي تحدث لموقع "ערוץ 7" الإسرائيلي قال إن انضمام أذربيجان يخدم المصلحة الإسرائيلية. وأوضح أن "البلدين يواجهان وكلاء تدعمهم إيران؛ في حالة إسرائيل الحديث عن حماس وحزب الله، وفي القوقاز الأذري الحديث عن ميليشيا حسينيون، التي تُوصف أحياناً بأنها 'حزب الله القوقاز'". وأضاف أن التنسيق بين القدس وباكو في هذه الساحة قد يشكل عامل ردع ويوفر لغة أمنية مشتركة.
كما أشار إلى أن مشاركة أذربيجان قد تعزز شرعية المهمة في نظر العالم الإسلامي، كونها دولة مسلمة علمانية تربطها علاقات علنية مع إسرائيل ولا تخضع لضغوط لقطعها. وقال: "وجودها قد يُؤطر المهمة كعملية إنسانية لا كاحتلال، ويشجع دولاً أخرى في المنطقة على الانضمام".
ووفق المصدر، فإن أذربيجان أعلنت في السنوات الأخيرة عن استمرارها في تقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، وتمتلك خبرة كبيرة في إعادة الإعمار بعد انتهاء النزاع في ناغورنو-كاراباخ، وهي خبرة يُمكن أن تكون مفيدة لغزة أيضاً.
خلال العقود الثلاثة الماضية، بنت إسرائيل وأذربيجان علاقات وثيقة، برزت بشكل خاص خلال حرب ناغورنو-كاراباخ عام 2020، حيث استخدمت باكو أنظمة متطورة من إنتاج إسرائيلي، منها طائرات مسيّرة وصواريخ، ساعدتها على استعادة أراضٍ فقدتها سابقاً. وتُعتبر هذه الخبرات ذات صلة خاصة بالحروب غير المتكافئة وإدارة الحدود الحساسة مثل تلك المحيطة بقطاع غزة.
اقتصادياً، تعتبر أذربيجان من أكبر مزوّدي النفط لإسرائيل، وعمّقت علاقاتها في عام 2025 عندما اشترت شركة الطاقة الوطنية SOCAR حصة بنسبة 10٪ من حقل "تمار". وترى إسرائيل في هذه الشراكة ليس فقط تعاوناً تجارياً، بل ركيزة استراتيجية تربط بين الأمن والاقتصاد والدبلوماسية.
ووفقاً للمصدر السياسي، فإن وجود أذربيجان ضمن القوة الدولية قد يُقلل من اعتماد إسرائيل على القوى الغربية، ويخفف من خطر التصعيد، ويرسل رسالة شراكة إقليمية تستند إلى المصالح المشتركة لا مجرد التصريحات.
من جهة أخرى، يرى خبراء أن مشاركة أذربيجان ستمنح إسرائيل تفوقاً أمنياً ودبلوماسياً واقتصادياً. وقال جوزيف أبشتاين، مدير "مركز أبحاث توران"، إن انضمام باكو إلى القوة يمكن أن يعود بفائدة كبيرة على إسرائيل بفضل العلاقات الوثيقة والمصالح المشتركة في مواجهة إيران.
أما البروفيسور زئيف خانين من مركز بيغن-السادات، فقد نقل عنه أن الشراكة بين الدولتين بقيت مستقرة حتى في فترات التوتر، وأن التعاونات الأمنية والتكنولوجية بين الجانبين تعمّقت مع الوقت.
وإذا ما تم بالفعل تشكيل القوة الدولية وانضمت إليها أذربيجان، فإن التحدي سيكون في التنفيذ الفعلي، وتحديد صلاحيات واضحة، وتوازن دقيق بين الأمن والجانب المدني.
وتُعد هذه الخطوة فرصة لاختبار كيف يمكن للتحالفات الإقليمية أن تتحول من أقوال إلى أفعال وتخلق استقراراً حقيقياً على الأرض.