
نزع سلاح قطاع غزة ليس شعاراً ولا ملحقاً تجميلياً لاتفاق ما، بل هو شرط ضروري وجوهري. على إسرائيل أن تفعل كل ما في وسعها لمنع تعاظم قوة حماس من جديد ولمنع الجولة القادمة من الحرب، لأن الطرف الآخر يخطط لها، وعلينا أن نمنع ذلك بكل الوسائل.
في وقت قصير بعد توقيع الاتفاق، رُصِدت أعلام حماس في شوارع غزة، وظهرت خلايا مسلحة وعمليات إعدام علنية لمشبوهين بالتعاون - هذه أولى إشارات الفشل بمجرد انسحاب الجيش الإسرائيلي.
أهداف الحرب وُضِحت بشكل لا لبس فيه: سلب قدرة حماس العسكرية وإعادة الأسرى. عودة أحبائنا إلى الوطن مدعاة للفرح، لكنها ليست نهاية القصة؛ بدون نزع سلاح حقيقي، ستستمر حماس في ترسيخ رواية "النصر"، مما سيقرّب المواجهة التالية. لا يمكن لإسرائيل أن تسمح لنفسها بالتراخي في هذا الشأن.
نزع السلاح يعني تجريد حقيقي وكامل من القدرات العسكرية: منع تواجد أسلحة متوسطة وثقيلة، حظر التصنيع، التخزين، التدريب، تفكيك خطوط الإنتاج، وإغلاق البنى التحتية القتالية هندسياً، بما في ذلك الأنفاق تحت الأرض، مع رقابة صارمة على كل مادة مزدوجة الاستخدام تدخل إلى القطاع.
من دون السيطرة المتواصلة على طرق التهريب - لا يوجد نزع سلاح فعلي. السيطرة على محور فيلادلفيا ومعابر الحدود يجب أن تكون فعّالة، عملياتية وتكنولوجية، تشمل تفتيشاً دقيقاً، توزيع مجسات، منع وتحييد الطائرات المسيّرة، إدارة لسلسلة التوريد، وتنظيم واضح لكل إدخال للمواد مزدوجة الاستخدام. يجب تطبيق سياسة صارمة، لا متساهلة - لا للإسمنت والحديد في هذه المرحلة، إن وُجدت مرحلة لذلك أصلاً. وفي البحر، يجب فرض نظام صارم لمنع التهريب.
المعنى العملي لنزع السلاح هو حرية عمل عملياتية في مناطق الاشتباه، التزام بالإبلاغ المتواصل، وأولوية استخبارية وهندسية لإغلاق الفجوات. آلية التحقق يجب أن تدمج جميع الوسائل المتاحة، بما في ذلك زيارات مفاجئة لمواقع تصنيع وتخزين محتملة، والوصول إلى كل موقع مشبوه، بما يشمل الأنفاق، مع قدرة على التدمير والتحويل الهندسي. يمكن إشراك جهة دولية داعمة لعملية التحقق، لكن المسؤولية الأمنية وحرية العمل يجب أن تبقى في يدنا، أو على الأقل تحت إشرافنا المباشر.
نزع سلاح من دون ردع هو وصفة للفشل. يجب تثبيت حالة الردع وتوضيح الرد الفوري على أي خرق.
الاقتراحات التي تطرح الإفراج عن أسرى مقابل جمع سلاح قد تنتج حافزاً معاكساً لزيادة التسلح بغرض الابتزاز مستقبلاً. وإن طُبقت آليات مقابل، فيُفضل أن تكون على شكل فوائد شخصية قابلة للانعكاس وخاضعة للرقابة، كأموال مقابل سلاح، أو تصاريح خروج أو عمل لأفراد محددين - كل ذلك تحت تحقق صارم ومن دون خلق اقتصاد سلاح.
وجود سلاح مكشوف في الشارع، فيديوهات دعائية، وصور ذات طابع بطولي - كل ذلك يعزز رواية "النصر" ويُبقي حماس كقوة مسيطرة تعبّئ المجتمع والموارد من أجل إعادة بنائها.
إلى جانب سلب القدرات العسكرية، يجب تشكيل وعي مدني وأمني: غياب السلاح من الفضاء العام، غياب إعدامات المتعاونين في الداخل، وتوضيح إعلامي مستمر بأن أي خرق سيقابَل برد فوري. إدارة الوعي عنصر جوهري في نزع السلاح، وليس مجرد ديكور إعلامي.
على إسرائيل أن توضح هذا الأمر بشكل لا يقبل التأويل. مباشرة بعد عودة جميع الأسرى - هذه سياسة يجب ترسيخها أمام جميع الأطراف الموقعة، وبالذات أمام سكان غزة.